واتخذ البنات جواري وسرايا ، ثم اصطلحوا بعد برهة واستردوا السبايا فخيرن في الرجوع الى أهلهن ، فامتنعن عدة من البنات ، فاغضب ذلك رجال بني تميم فعزموا ألا تولد أنثى إلّا وأدوها ودفنوها حية ، ثم تبعهم في ذلك بعض من دونهم ، فشاع بينهم وأد البنات. (١)
عبادة الذات جذر الانحراف :
[٦٠] والجاهلي الذي لا يؤمن بوجود مقياس للحق غير ذاته ، حيث يجعل أهواءه وشهواته ونزعاته الفردية والإقليمية ، والاستكبار على الناس ، وظلمه للضعفاء ، ويجعل خيالاته وأساطيره الموروثة ، يجعل ـ بالتالي ـ كلما يتصل بجانب الضعف والعجز والاستسلام مثلا أعلى لنفسه ، لأنه لا يرى أن هناك يوما يطبق فيه الحق بلا لبس ولا خداع ولا نقيصة ، فلما ذا البحث عن الحق؟ ولماذا يجعله أساسا لحياته ، ومقياسا لتقييم الأشياء؟
وشيئا فشيئا يرحل عن قلبه ذلك الضوء الذي كان يهديه أبدا للحق ، فلا تبقى في قلبه إلّا ظلمات الشهوات.
(لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ)
وهذه الآية الكريمة تشهد بما شهدت به الآية الأخر في سورة (ص) : (فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى ، فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ). (٢)
فلقد كان نسيان الحساب ويومه سببا للضلالة.
__________________
(١) الميزان ـ ج ١٢ ـ ص ٢٧٧.
(٢). ٢٦ / ص.