(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
إن النحل هذا الحيوان المستهان في الدنيا ، يأمره الله بأن يحقق هذا الهدف ، وعلّمه وسائل ذلك وكيف يبني بيته؟ وكيف يتخذ لنفسه يعسوبا ، وكيف يتوالد؟ كل هذه السنن الإلهية تستقطب اهتمامنا ، وتجعلنا نعترف خاشعين بأن للكون المهيب إلها يدبر شؤونه سبحانه ، ويبدو أن معرفة أسرار النحل بحاجة إلى بحث مثابر ، ولذلك عقّب الله الآية بأن النحل آية للمتفكرين ، بينما لا تحتاج آية الثمرات إلى ذلك الجهد الفكري ، بل إلى حفظ التجارب الزراعية ، لذلك بين السياق هناك ان الثمرات آية لمن يعقلون ، واكتفى في مراقبة الأمطار بالسماع فقال : «لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ» وهكذا تختلف أسرار الحياة فبعضها تفهم بأقل دراسة ، بينما بعضها الآخر تفهم بدراسة معمقة ، وتبقى بعضها متوسطة.
دليل التدبير :
[٧٠] وتطورات الحياة البشرية تهدينا إلى تلك الإرادة الّتي توجه حياتنا ، لقد خلقنا الله وحين يشاء يسترد أمانته منا فيميتنا ، وقد يشاء أن يعمّر الفرد طويلا حتى يبلغ سن الدناءة ، فاذا به يفقد ما حصل عليه أيام شبابه من علم وخبرة.
(وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ)
أي العمر الأكثر هبوطا ، كما كان في أيام الصبا والطفولة.
(لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ)
فأصل علم الإنسان هبة الهية ، ويزداد بالسمع والاعتبار والتعقل والتفكر ، بينما علم الله واسع دائم.