لو أخّرنا عنهم العذاب ، ومتعناهم سنين ، وجاءهم العذاب ، هل تنفعهم هذه السني وهذا التمتيع ، فما الله بمزحزهم من العذاب ان يعمروا الف سنة ، والله بصير بما يعملون.
لقد عمر نوح (ع) ثلاثة آلاف سنة ، ولم يبن له الا كوخا يستر نصفه ، فجاءه عزرائيل وسأله : لم لم تبن لك بيتا يسترك؟ قال : ان الذي أنت وراءه كيف يبني بيتا.
[٢٠٨] (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ)
ان الله لا يعذب قرية الا بعد ان يرسل إليها منذرين ، وبذلك تتجلى رحمة الله بأظهر ما يكون. قال تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً). (٦)
[٢٠٩] (ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ)
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) ، وحين يعذبهم الله فليس بظالم ، لأنه قد أرسل إليهم رسلا من قبل.
[٢١٠ ـ ٢١١] إن جوهر الفكرة التي يوحي بها الله تختلف عن جوهر الفكرة التي يلقيها الشيطان ، ويتناقض معه تناقضا كليّا ، فمصدر هذا الهوى ، ومصدر ذاك نور الله ، وهذا يضلّ ، وذاك يهدي ، وهذا يستثير الشهوات ، ويأمر بالفحشاء والمنكر والبغي ، وذاك يثير العقل ، ويأمر بالعدل. فكيف يختلطان؟
(وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ* وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ)
__________________
(٦) الإسراء / (١٥).