سليمان : فلم تحذرينهم ظلمي وقلت : «يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ؟» قالت النملة : خشيت ان ينظروا الى زينتك فيقيسوا بها ، فيبعدون عن الله عز وجل ، ثم قالت النملة : أنت أكبر أم أبوك داود؟ قال سليمان : بل أبي داود ، قالت النملة : فلم يزيد في حروف اسمك على حروف اسم أبيك داود؟ قال سليمان : مالي بهذا علم ، قالت النملة : لان أباك داود داوى جرحه بودّ فسمى داود ، وأنت يا سليمان أرجو ان تلحق بأبيك ، ثم قالت النملة : هل تدري لم سخرت لك الريح من بين سائر المملكة؟ قال سليمان (ع) : مالي بهذا علم ، قالت النملة : يعني عز وجل بذلك لو سخرت لك جميع المملكة كما سخرت لك هذه الريح لكان زوالها من يديك كزوال الريح ، فحينئذ تبسم ضاحكا من قولها (٣)
(وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ)
لقد كان سليمان ملكا ونبيا ، كما كان أبوه ملكا ونبيا ، وأمّه مؤمنة صالحة ، وكان يعمل الصالحات التي يرضاها الله ، ولكنه لم يكتف بتلك الصفات بل دعا الله ان يجعله مع الصالحين ، فما ذا ينفع الإنسان ان يكون أبواه صالحين إذا لم يكن هو كذلك كما ينبغي على من أوتي الحكم والنبوة والصلاح ان لا يتخذ ما أوتي من الفضل اداة للتفرقة بينه وبين الصالحين الآخرين.
[٢٠] (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ)
__________________
(٣) نور الثقلين / ج (٤) / ص (٨٢).