«فر من المجذوم فرارك من الأسد»
فتصر على الدخول لتجرب ذلك ، وبعد خروجك تجد نفسك سليما لم تصب بشيء ، فتظن أنّه لم يصبك الجذام ، ولكن بعد فترة من الزمن تجد آثار الاصابة بالمرض بادية على جسمك ، ويؤكد الطبيب ذلك ، ولكنك قد لا تصدّق أنّ المرض قد أصابك عند دخولك دار المجذومين ، بل تزعم أنّ المرض أصابك بسبب آخر ، والطبيب يعرف أنّ جرثومة الجذام تنتقل عن طريق العدوى من الشخص المصاب ، ولكن لم يظهر أثرها الا بعد تكاثرها.
والذنوب تشبه الجراثيم في آثارها فهي تؤثر في جسم الإنسان وروحه وعقله ومجتمعة ولكن بعد فترة من الوقت. ومشكلة الإنسان هي نسيانه للذنب الذي يرتكبه ، ولا يدري أنه يخلّف آثارا قد لا تمحى ، فالرجل الذي زار دار المجذومين كان بوسعه أن يتقي المرض قبل ظهوره لو ذهب الى الطبيب ليتحصّن ضد المرض ، وهذا يعني في لغة الدّين الاستغفار ، وحين يرتكب الإنسان ذنبا فعليه الإسراع إلى الاستغفار كي يتخلّص من آثاره.
[٤٧] (قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ)
ولعلهم تطيّروا به لأنه كان ينذرهم عاقبة ذنوبهم ، ومن طبيعة الإنسان الاستيناس إلى من يضحكه ويدغدغ أبدا احلامه ، ويزعم له أن درب الحياة مفروش بالورود ، أمّا من ينذره ويذكّره بعيوبه ، ويبكيه ، فهو ينفر منه ويتشاءم به.
وهناك حديث حكيم يقول :
«صديقك من يبكيك لا من يضحك»