وفي سياق سورة القصص نقرأ عن أخلاقيات المهاجر في سبيل الله ، وفي طليعتها الإحسان الى الناس ، والاحتفاظ بقيم الرسالة بالرغم من مشاكل الهجرة ، ووفاؤه بالحقوق (لقد قضى موسى أبعد الأجلين) وتجذّره في بلاد الهجرة عبر الزواج.
ج ـ وسورة القصص تركز ـ فيما يبدو ـ على دور شخصية القائد وصفاته ، فبعد بيان إرادة الله بإنقاذ المستضعفين نقرأ مباشرة قصة ولادة موسى (ع) ثم ان موسى (ع) تتجلى شخصيته في صورة قائد مغيّب ، ثم يحضر فجأة في ميدان الصراع لينصر واحدا من شيعته ، ثم تلاحقه أجهزة النظام فيها ، وتبقى صفة الإحسان أبرز صفاته قبل ابتعاثه رسولا ، ويؤكد السياق انها وراء اصطفائه بالعلم والحكم «وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ» ونجد ذلك عند ما يتجاوز ذاته ، وكل علاقته بالدنيا عند ما يتلقى الوحي في الجانب الغربي عند الشجرة :
د ـ وفي الجهة المعاكسة تبرز شخصيته أمام الكفر (فرعون) ورمز المال الطاغي (قارون) ومثال البيوقراطية الفاسدة (هامان).
ه ـ وتذكر السورة بتواصل الوحي من موسى ـ عليه السلام ـ الى محمد ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بهدف التذكرة خصوصا لقوم ما أنذروا من قبل ، والرسالة هذه التي تشابه رسالة موسى (ع) حدث غيبي ينذر بها الرب القوم الضالين بين يدي عذاب شديد ، وانهم انما يتبعون أهواءهم ، لأنهم يطالبون دائما بآيات جديدة فيقولون مثلا : لماذا لا يأتي النبي بآية شبيهة بما ظهرت على يد موسى ، مع أنهم كفروا بما أنزل على موسى.
وبعد ان يبين السياق صفات المؤمنين الصادقين من أهل الكتاب ، الذين يسارعون الى الإيمان بالنبي ، يبين شبهة أخرى يتشبث بها الجاحدون ، إذ يقولون : نخشى ان نفقد لو آمنا السلام الذي ننعم به في الحرم ، ويردها الرب :