وهذا وذاك من نعم الله على الإنسان ، والشقي الشقي هو الذي لا يستفيد من بحر رحمة الله ، فتزيد سيئاته على حسناته مع ان تلك بواحدة ، وهذه بعشر أمثالها.
قال ابو عبد الله (ع) : كان علي بن الحسين (ع) يقول :
«ويل لمن غلبت آحاده» فقلت له : وكيف هذا؟! فقال : «أما سمعت الله عز وجل يقول : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) فالحسنة الواحدة إذا عملها كتبت له عشرا ، والسيئة الواحدة إذا عملها كتبت له واحدة ، فنعوذ بالله ممن يرتكب في يوم واحد عشر سيئات ، ولا يكون له حسنة واحدة فتغلب حسناته سيئاته» (٦)
وتشير خاتمة الآية إلى أنّ جزاء العمل في الآخرة ذات العمل بعد ان يتجسد في صورة مادية بشعة ، فالظلم في الدنيا ذاته هي الظلمات التي تحيط بصاحبها في الآخرة ، ومن أكل اموال اليتامى ظلما فانما يأكلون في بطونهم نارا ، وسيصلون سعيرا ، اما النتن الذي يخرج من أفواه الفاسقين فانه ذاته الكذب الذي افكوه أو الغيبة والتهمة والفرية التي مارسوها في دار الدنيا. دعنا نستغفر ربنا حتى يقينا شر السيئات التي اقترفناها ، والذنوب التي احتطبناها.
[٨٥] الحياة قائمة على أساس سبق البناء لا الهدم ، وأن الحركات القسرية نهايتها الفشل ، بينما الحركات التي تجري وفق سنن الله في الخلق تنجح وتثمر ، لأن عامل الزمن يكون في صالحها ، وهذه الفكرة هي منطلق لفكرة أخرى وهي ضرورة انتصار الحركات الإلهية عبر الأجيال.
(إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ)
__________________
(٦) نور الثقلين ج (١) ص (٧٨٥).