اي ان الذي أنزل القرآن وفرضه عليك يردك الى وطنك الذي هجرك منه الكفار والمشركون.
ولكن لماذا قال تعالى : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ) ولم يقل ان الله العزيز مثلا؟
الجواب : هناك قاعدة بلاغية تقتضي انسجام المفردات مع السياق ، وهنا نجد ترابطا وثيقا بين فرض القرآن وعودة الرسول الى بلده ، فما دام الله هو الذي أعطى الرسول منهج العمل ، وفرض عليه الالتزام به ، فانه يجعل هذه الأداة فعالة وكفيلة بأخذ حقه ، وبلوغ أهدافه كعودته إلى بلاده منتصرا بعد الهجرة ، وهذا ينطوي على فكرة حضارية هي : ان المهاجر لا يمكن أن يعود الى بلده ، إلّا إذا طبّق البرنامج الالهي وهو القرآن الحكيم.
ثم يشير القرآن الى ما يبدو انه تعليل للحكم السابق إذ يقول :
(قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)
ان الهدى ينسجم مع سنن الله في الخلق ، بينما يتنافر الانحراف معها ، وبالتالي فالذي يتّبع الهدى اعتقادا وعملا سيصل إلى أهدافه ، لأن الله المهيمن على الخلق هو العليم بالمهتدين فينصرهم ، بينما أصحاب الضلال يحبط أعمالهم.
[٨٦] والضمانة الرئيسية لوصول الإنسان الى الجادّة هي الاستقامة على الهدى ، وبدونها لا يزداد إلا بعدا عنها ، فلو استجاب للضغوط أو الإغراءات التي تحف طريقه نحو تطلعاته واهدافه فهل يصل إليها؟ بالطبع كلا ..
(وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ)