نحوه»
وبعد أن بين الامام انه لو كانت مكة في مناطق ذات بهجة وثمر لسقط البلاء قال :
«ولكن الله جلّ وعز يختبر عبيده بأنواع الشدائد ، ويتعبدهم بألوان المجاهد ، ويبتليهم بضروب المكاره ، إخراجا للتكبر من قلوبهم ، وإسكانا للتذلل في أنفسهم ، وليجعل ذلك أبوابا [فتحا] إلى فضله ، وأسبابا ذللا لعفوه ، وفتنة كما قال : «الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ» (٢)
أجل يتبين الايمان المستقر من العواري حين تجرد العوائل من فلذات أكبادها ، وحين يهجرون خلال حقول الألغام ، ليكونوا طعمة يقتات عليها المتحاربون ، والتعبير القرآني «أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا» استفهام استنكاري على أولئك الذين يتصورون ان طريق الإيمان مليء بالورود. إن طريق الإيمان صعب.
وقد قال الامام الصادق (ع):
«هلك العاملون إلّا العابدون ، وهلك العابدون إلّا العالمون ، وهلك العالمون إلّا الصادقون ، وهلك الصادقون إلّا المخلصون ، وهلك المخلصون إلّا المتقون ، وهلك المتقون إلّا الموقنون ، وإن الموقنين لعلى خطر عظيم» (٣)
ويشرح الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ أنواع الفتن التي سوف تبتلى الأمة بها كما جاء في نهج البلاغة : وقام إليه عليه السلام رجل فقال : أخبرنا عن الفتنة وهل سألت رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ عنها؟ فقال عليه السّلام : لما أنزل الله
__________________
(٢) المصدر / ص ١٥٠ ـ ١٥٣
(٣) بحار الأنوار ج ٧٠ ص ٢٤٥