ونحن نرى اليوم من المجاهدين الصامدين تحت تعذيب الجلادين من البطولات النادرة ما يجعلنا نزداد يقينا بصدق الأخبار هذه ، التي أنبأت عن صبر وصمود المجاهدين السابقين.
يضعونهم في توابيت مغلقة لعدة أشهر بل لعدة سنوات ، أو يسمرونهم على الحيطان خلال أعوام السجن ، لا ينظفون تحتهم ، أو يلقون بهم في أحواض الأسيد ، أو يعذبونهم بأجهزة تدار الكمبيوتر لتزرع أجسامهم بالألم الشديد ، وتمنع عنهم النوم والراحة لأسابيع ، أو يحرقون أشد أجزاء بدنهم حساسية بأعقاب السجائر ، أو يعتدون على شرفهم وشرف أخواتهم وأزواجهم أمام أعينهم.
ولكنهم لا يزالون صامدين بتوفيق الله ، لأن أرواحهم قد صفت من حب الدنيا ، وربتهم هذه الآية الكريمة ، وعرفوا حقيقة الدنيا وحقيقة الآخرة ، فلم يختاروا على الآخرة شيئا.
وليس المهم أن يعلم الناس إيمانك ، بل الأهم أن يعلم الله صدقك.
[٤] مسكين ابن آدم يزعم انه يهرب من حكومة الله ، أو يعجزه هربا ، ويسبق قضاءه وقدره ، وانما مثله مثل الرجل الذي جاء إلى الامام الحسن (ع) فقال له : أنا رجل عاص ، ولا أصبر عن لمعصية ، فعظني بموعظة ، فقال ـ عليه السّلام ـ : «افعل خمسة وأذنب ما شئت : فأول ذلك : لا تأكل رزق الله وأذنب ما شئت ، والثاني : اخرج من ولاية الله وأذنب ما شئت ، والثالث : اطلب موضعا لا يراك الله ، وأذنب ما شئت ، والرابع : إذا جاءك ملك المت يقبض روحك ، فادفعه عن نفسك ، وأذنب ما شئت ، والخامس : إذا أدخلك مالك في النار ، فلا تدخل في النار ، وأذنب ما شئت» (٦)
__________________
(٦) بحار الأنوار / ج ٧٨ / ص ١٢٦.