لعل ذكر كلمة الرحمن هنا يهدف إيجاد حالة من التوازن بين الخشية والرجاء ، فهو الله أرحم الراحمين وخشيته لا تبلغ درجة القنوط من رحمته ، أنّى كثرت الخطايا وعظمت الذنوب.
(فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ)
إنّ من أبعاد المغفرة تجاوز آثار الذنوب في الواقع الخارجي أو على النفس. إنّ السلطات الظالمة ، والنظام الاقتصادي الفاسد ، والأنظمة الاجتماعية المتخلفة كلّها من آثار الذنوب ، وحين نتبع نهج الله ، ونطيع أولياءه ، فإنّ الله سبحانه ينصرنا على الطغاة والمترفين ، ويسنّ لنا شرائع سمحاء قائمة على أسس العدل والإحسان ، كما ينزع من أفئدتنا حب الشهوات ، ويعيننا على العادات السيئة.
إنّ المغفرة بشرى عظيمة ، فطوبى لمن غفر الله له ذنوبه ، وهي تمهّد للأجر الكريم في الدنيا بحياة فاضلة تعمها السعادة والفلاح ، وبرضوان الله وجناته في الآخرة.
[١٢] إنّ أعظم إنذار يستجيب له المخبتون ولا ينتفع به الغافلون ، هو النشور حيث يحيي الله بقدرته التي لا تحد الموتى جميعا ، بعد أن سجّل عليهم للحساب أعمالهم التي فعلوها في حياتهم وقدموها لتستقبلهم عند الموت ، أو التي خلفوها وراءهم من سنة حسنة أو سنة سيئة.
(إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى)
إنّه وعد صادق.
(وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا)