ـ وتعالى الله عن الأمثال ـ تتجلّى في كل أفق تجلّيات بديعة وجديدة ، فإنّ لكلّ سورة تجلّياتها الخاصة بها ، وهكذا في هذه السورة حيث عرّفت فاتحة السورة ربّنا العظيم بأنّه غافر الذنب (ومن هنا جاء أحد اسمي السورة) وأنّه قابل التوب شديد العقاب ذو الطّول ، ثم في آية (١٥) ذكر اسم رفيع الدرجات ذي العرش وأنّه يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده ، ثم جاء في الآية (٦٥) أنّه سبحانه هو الحيّ لا إله إلّا هو.
وجاء في الآية (١٣) والآية (٨١) أنّه سبحانه يرينا آياته (ويعرّفنا نفسه عبرها) ونتساءل : فلما ذا ـ إذا ـ لا نعرف ربنا عبر تلك الآيات المبصرات؟! ويعرف الجواب حقّا من يرهف سمعه لكلام ربّه ، حيث أنّ منهج القرآن هو تصفية العقبات النفسية قبل إلقاء البصائر ببلاغة نافذة ، وحجّة تامّة ، وخطاب فصل مبين.
وقد تركّزت آيات السورة في هذا التوجّه ، حيث نجد التحذير من الجدال في آيات الله أربع مرّات تعتبر كلّ مرة عنوانا لسلسلة من البصائر والحديث الشافي الذي يطهّر القلب من عقبات الإيمان ، وذلك عبر الترتيب التالي :
أوّلا : في البدء نجد تحذيرا من الجدال عبر التذكير بعاقبة الجدال السوئى ، ثم نتلوا بيانا لطائفة من آيات الله التي تهدف إقامة الحجّة على الكافر ، وزيادة إيمان ومعرفة الذي ألقى السمع ، وسلّم للحق.
دعنا نستعرض جانبا من هذا المنهج ، وفي ذات الوقت نجمل الحديث حول موضوعات السورة ، ضمن هذا الإطار ، وهو إعداد القلب لتقبّل آيات الذكر.
أوّلا : الآيات (٤) تنعت المجادل في آيات الله بالكفر والغرور ، وتحذّر من