الوجوه التي عليها يقع فعبّروا عن عدم الاقتدار على التغيير والتبديل بغلّ اليد.
إنّ معرفة الله بأنّه قادر على كلّ شيء ، وأنّه فعّال لما يريد ، وأنّه كما أبدع الخلائق بعد ان لم تكن شيئا ، قادر على أن يبدع ما يشاء ، هي المعرفة الحق ، وهي التي تبعث على الثناء عليه وتوصيفه بالحمد والشكر ، وأيّ حمد أو ثناء لمن لا يقدر على تغيير شيء حسب ما يزعمون.
ولذلك كان الاعتراف بهذه القدرة للرب أي بالبداء أعظم عبادة وأفضل تعظيم.
جاء في الحديث عن زرارة عن أحدهما (الباقر أو الصادق عليهما السّلام) :
«ما عبد الله بشيء مثل البداء» (١)
وفي حديث آخر عن هشام بن سالم عن الإمام الصادق (ع) أنّه قال : «ما عظّم الله عزّ وجلّ بمثل البداء» (٢) وقال : «لو يعلم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه» (٣)
ومن مظاهر البداء الدعاء ، ذلك أنّ في الدعاء اعترافا بسلطان الله الفعلي والمباشر على الخليقة ، وأنه القادر على أن يصنع ما يشاء فيما خلق ، وأنّه المستعان على بوائق الدهور ونوائب الحياة ، ولذا أضحى الدعاء العبادة الأسمى ، وقال ربّنا سبحانه : (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) .
وقد استعرض السياق القرآني كيف أنّ الرجال العظام بلغوا الدرجات السامية
__________________
(١) المصدر / ص ١٠٧.
(٢) المصدر
(٣) المصدر / ص ١٠٨.