وهكذا نجد في السياق القرآني هنا ما يوحي بأنّ من يستنكف عن الدعاء فقد استكبر عن عبادة ربّه ، وأنّه سوف يدخل جهنم داخرا ، كما نجد هذه الآية تأتي في سياق معالجة كبر النفس الذي لن تبلغه ، الى جانب سائر طرق العلاج التي سبقت أو تأتي في هذه الآيات.
باء : الدعاء يلهم الأمل ويرفع اليأس ، ويعيد إلى القلب حيويته ونشاطه وعنفوانه.
أرأيت أعظم الهزيمة هزيمة القلب ، وأعقد المشاكل انهيار النفس؟ بلى. والدعاء هو الدواء. كيف؟
إنّ الداعي يرجو ربّه الكبير أرحم الراحمين فكيف يعتريه اليأس؟ وهل يظمأ من يرد على حياض مترعة؟ وقد روى عن الإمام الصادق (ع) انه قال : «إنّ الدعاء يردّ القضاء المبرم بعد ما أبرم إبراما ، فأكثر من الدعاء فإنّه مفتاح كلّ رحمة ، ونجاح كلّ حاجة ، ولا ينال ما عند الله إلّا بالدعاء ، فإنّه ليس من باب يكثر قرعه إلّا أوشك أن يفتح لصاحبه» (١)
وروي عنه (ع) : «الدعاء كهف الإجابة كما أنّ السحاب كهف المطر» (٢)
وقد جاء في حديث ـ قدسي ـ مفصّل عن النبي (ص) عن جبرئيل عن ربّ العالمين أنّه قال : «يا عبادي كلكم ضالّ إلّا من هديته ، فاسألوني الهدى أهدكم ، وكلّكم فقير إلّا من أغنيته ، فاسألوني الغناء أرزقكم ، وكلّكم مذنب إلّا من عافيته ، فاسألوني المغفرة أغفر لكم .. الى أن قال ربّنا سبحانه : ولو أنّ أوّلكم
__________________
(١) المصدر / ص ٢٩٩.
(٢) المصدر / ص ٢٩٥.