فيها ، ثمّ يأمرنا بالدعاء لأنّه شفاء من الكبر.
وحسب المنهج القرآني الفريد يلقي على الأفئدة السليمة آياته (٦١) ثم يحذّر من الجحود بها ، لأنّ من يجحد بها يؤفك عن الحق (٦٣) ويعود يذكّرنا بآياته المبصرة ، وبأنّه الحيّ الواحد ، ويأمر رسوله بتحدّي آلهة الزيف (٦٦) ويذكّرنا بأنّه يحي ويميت.
رابعا وأخيرا : ينهى عن الجدال في آيات الله (٦٩) وينذر الذين كذّبوا بالكتاب بأنه سوف يعلمون أيّ جريمة اقترفوا ، وذلك حين توضع الأغلال في أعناقهم وفي السلاسل يسحبون.
وكذلك يعالج داء الجدال بالتحذير من عاقبته الأخروية ، ويجمل السياق في خاتمة السورة بصائرها ، من الأمر بالصبر (٧٧) اتباعا لسنة الأنبياء ، والتحذير بعاقبة الاستهزاء (٧٨) والتذكرة بآية الله في خلق الأنعام ، والأمر بالسير في الأرض للنظر في عاقبة المكذّبين ، وكيف دمّروا فلم يغن عنهم ما كانوا يكسبون ، وذلك أنّهم حينما أنذرهم الرسل فرحوا بما عندهم من العلم فحاق بهم ما كانوا به يستهزئون (٨٣) بلى. إنّهم آمنوا في اللحظة الأخيرة حين رأوا بأس الله ، ولكن سنّة الله جرت بألّا ينفع الإيمان في ذلك الوقت ، وأنّه قد خسر هنالك الكافرون (٨٥) .
وكلمة أخيرة : الحقائق الكبرى الثلاث التي تحيط بالخليقة (التوحيد والبعث والرسالة) شواهدها وآياتها مبثوثة في الآفاق والأنفس ، إلّا أنّ حجبا سميكة تغطّي البصائر عن رؤيتها والتفاعل معها ، وتؤدي الى الجدال في آياتها ودلائلها ، والقرآن الكريم شفاء للقلب من تلك الحجب ، وفي هذه السورة المباركة نجد نهجا بديعا وشفاء سريعا ، وعلينا فقط أن نلقي السمع الى آياتها بلا جدال! .