ففي هذا السياق مثلا نجد القرآن قد بصّرنا في الآية (٣٥) بعاقبة الجدال في آيات الله ، وكيف أنّ الله يطبع على كلّ قلب متكبّر جبّار ، وضرب لنا مثلا من تكذيب فرعون ، وكيف زيّن له سوء عمله ، وصدّ عن السبيل ، وفي الآية (٥٦) عاد مرّة أخرى إلى قضية الجدل في آيات الله ، وبيّن كيف أنّه ينبعث من الكبر الذي لن يبلغه البشر ، ثم نسف أساس هذا الكبر المزيّف ببيان عظمة الخلق ، ثم عاد وللمرّة الثالثة الى ذات الموضوع في هذه الآية ليبيّن عاقبة الجدل وجزاءه في الآخرة.
وفي كلّ مرّة نرى السياق بعد أن يحذّر من مغبّة المجادلة في آيات الله ، يبيّن طائفة منها لتعمر القلب ـ الذي طهّر من حجب المعادلة والموقف السلبي تجاه الآيات ـ بضياء المعرفة.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ)
إلى أيّ واد ضلال تسوقهم شهواتهم؟
ويبدو أنّ الآيات عامّة تشمل كلّ علامة تهدينا الى الحقيقة ، إلّا أنّها هنا جاءت بمناسبة الحديث عن أدلّة النشور وشواهد الجزاء والمسؤولية فهي تمهّد لذكر تلك الآيات.
[٧٠] أولئك الذين كذّبوا بالكتاب وبما أوحى الله إلى رسله من أحكام ينتظرهم جزاؤهم العادل.
(الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا)
لعلّ ذكر الرسل هنا للدلالة على ضرورة التسليم للحقّ ، وأيضا للشخص الذي يمثّله وهو الرسول والإمام ، ذلك أنّ كلّ الوحي ليس مفصّلا في الكتاب ، بل منه ما