فبعزته يفرضه على الإنسان ويطبق ما فيه على واقع الحياة ، وبعلمه الذي أحاط بكلّ شيء إحاطة مطلقة جعله كلّه هدى وحكمة ونورا ينسجم مع واقع الحياة والإنسان.
ويبدو لي أنّ الآية جملة مفيدة كاملة ، مبتدؤها «تَنْزِيلُ الْكِتابِ» وخبرها «مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ» وهذا ما يوحي بالمعنى المتقدم.
[٣] وتعرّفنا الآيات بربّنا من خلال ذكر صفاته ، وهذا ينفعنا في تحديد علاقتنا به تعالى. وأوّل أسماء الله المذكورة هنا أنّه غافر الذنب ، (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ) ، وأيّ رحمة واسعة تلك التي تغسل جريمة المعصية ، وأيّ قدرة تستطيع محو الآثار العديدة للمعاصي على النفس والواقع غير رحمة الله وقدرته.
وتضفي أسماء الله السكينة على القلب ، فهو غافر الذنب وقابل التوب وهو ذو الطول ، ولولا هذه السكينة لتصدّعت قلوب المؤمنين عند استماعهم لاسم شديد العقاب.
(غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ)
والمؤمن حقّا يعيش متوازنا مباركا ، يحثّه الرجاء على التوبة والعمل الصالح ، ويمنعه الخوف عن المعصية.
والخوف من عذاب الله كما رجاء رحمته ليس قضية نفسية وحسب ، إنما يعنيان العمل ، فنحن يجب أن نتحرّك عند الرجاء ولكن ليس في أيّ اتجاه ، إنّما في اتجاه مرضاة الله وباتباع هداه ، لأنّ الحياة تشبه حقل الألغام والذي ينجو فيها هو الذي يمتلك خريطة واضحة لها يتبعها بدقة ، أمّا حينما ينحرف الإنسان عن الحق فسوف يضلّ ويخسر ولن يجد من ينقذه أبدا ، لأنّ الله وحده هو الإله المتصرّف الذي يحدّد