هكذا كان العذاب في الدنيا مخزيا مهينا ، لأنّهم كانوا يستكبرون ويتجبّرون ، وأمّا العذاب في الآخرة فهو أعظم خزيا ، وأبقى ألما.
وإنّ شدة عذاب الله في الدنيا ، وهول وقعة على الكافرين ، تهدينا إلى أمرين : أوّلا : هول عذاب الله في الآخرة ، وتناهي شدّته بما لا يمكننا تصوّره ، ثانيا : صرامة سنن الله وكيف تدمّر الذين يكفرون بالله شرّ تدمير ، بلى. لقد جاءت السماء والأرض لربّها طوعا قبل أن يؤتى بهما كرها ، فهلّا نأتي ربّنا طائعين من قبل أن تذهب بنا ريح صرصر عاتية؟!
[١٧] (وَأَمَّا ثَمُودُ)
فقد بعث الله إليهم الأنبياء ، وزوّدهم بالآيات المبصرة ، ومنّ عليهم بالهداية ..
(فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى)
لقد بعث الله إليهم صالحا فآمنوا به ، ولكنّهم انحرفوا بعدئذ عن طريق الرشاد.
بلى. إنّ الطريق كان واضحا أمامهم ، والحقيقة ظاهرة كالشمس في كبد السماء ، ولكنّهم أغمضوا أعينهم ، وقالوا : نحن لا نرى ، فما ذا كان مصير كفرهم بعد الإيمان؟
(فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ)
نزلت عليهم ـ كما نزلت على عاد ـ صاعقة العذاب ، المشبعة بالخزي والإهانة ، والسبب واضح :
(بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)