لا لضآلة في مغفرة الله ، لأنّها أعظم من ذنوبهم ، ولا لضيق في رحمته ، لأنّها وسعت كلّ شيء ، ولكن لأنّهم أبعدوا أنفسهم عن الربّ الرؤوف الرحيم بما اجترحوه من سيئات.
ونستوحي من هذه الآية أنّ كفر ثمود يختلف عن كفر عاد ، فعاد كفروا بكلّ شيء ، رأسا ، وأمّا ثمود فآمنوا بالرسول والرسالة ، ولكنهم فعلوا ما يتناسب والكفر ، من عقر الناقة ، ومخالفة أوامر الرسول فيما يتعلق بها ، فما كسبوه كان خاطئا.
ولهذا يقول الله سبحانه : «فهديناهم» أي اهتدوا فكريا ونظريا «فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى» أي انحرفوا عمليا وسلوكيا ، وهذا يعتبر عمى ، كالذي زوده الله بالبصر ، ولكنه لا ينتفع به فيقع في الحفرة.
ومن هنا نعرف أنّ عذاب الله يقصم ظهر من يخالف سننه في الخليقة والتي نكشفها أحكامه في الشريعة ، سواء آمن بها وخالفها ، أم كفر بها رأسا ، فالذي يناطح الصخرة ينفلق رأسه سواء آمن بهذه الحقيقة أو كفر بها.
وفي ذلك تحذير لأمة النبي محمد (ص) أنّ مخالفتهم لرسالته نظريا أو عمليا تجرّ إليهم الويلات.
[١٨] وبين هؤلاء المنحرفين ـ الكافرين عمليا ـ كانت هناك مجموعة من المؤمنين الصادقين ، أنجاهم الربّ ، وكان سبب نجاتهم هو تقواهم واجتنابهم ما ارتكبه الآخرون من الجريمة والفحشاء.
(وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ)
ويذكر الرواة في تفسير هذه الآية قصة مفيدة هي مثلما أخرج ابن إسحاق وابن