(وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ)
لعلّ مرادهم أنّ الله لا يعلم السرّ والخفيّات ، وإنّما يرى ظاهر أعمالهم ، وقد ذكر المفسّرون أنّ فريقا من الكفّار اجتمعوا عند الكعبة ، فقال بعضهم : أتظنّون أنّ الله يسمعنا؟ فقال الآخر : بلى. إذا رفعتم أصواتكم سمعكم ، وقال الثالث : إنّ من يسمع النداء يسمع النجوى ، فنزلت الآية.
وتحتمل الآية تفسيرا آخر هو عدم اهتمام أولئك القوم بشهادة الله عليهم ، فمن لا يأبه بشيء كان كمن لا يؤمن به.
[٢٣] ولكن تلك الظنون أمطرت عليهم الويلات ، ودفعت بهم إلى أسفل الهاوية.
(وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ)
شخصية الإنسان تصاغ حسب ظنّه بربه ، فمن أحسن به ظنّا حسنت سريرته ، وطاب سلوكه ، وصلح عمله ، ومن أساء بربّه الظن ساءت سريرته ، وخبث سلوكه ، وفسد عمله ..
وهكذا ينبغي أن يحسن العبد ظنّه بربه ما استطاع ، فقد روي عن الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ أنّه قال : قال رسول الله (ص) :
«إنّ آخر عبد يؤمر به الى النار فإذا أمر به التفت ، فيقول الجبّار جلّ جلاله : ردّوه ، فيردّونه ، فيقول له : لم التفت اليّ؟ فيقول : يا ربّ لم يكن ظنّي بك هذا ، فيقول : وما كان ظنّك بي؟ فيقول : كان ظنّي بك أن تغفر لي خطيئتي ، وتسكنني جنتك!