من الأعمال التي ارتكبوها. وقالوا : ما بين أيديهم الدنيا ، وما خلفهم الآخرة ، وقيل العكس.
ولكن يبقى سؤال : لماذا يقيّض الله قرناء السوء لهؤلاء؟ الجواب : لأنّ الله قد غضب عليهم ، وفرض عليهم الضلالة بسوء اختيارهم أوّلا ، كما فعل بأسلافهم من الأمم السابقة ، ويا لسوء العاقبة إنّ الربّ الرحمن الرحيم الذي هو السبب الوحيد للهداية يريد إضلالهم وتعذيبهم!
(وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ)
ولعلّ المراد من الجن هنا الشياطين الذين يقيّض الله منهم قرناء للخاسرين.
[٢٦] (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ)
والغوا فيه : أي أثيروا اللغو حينما يقرأ القرآن لصرف النظر عن أفكاره الحقة. وفي كلّ عصر ومصر هناك محاولات خاصّة للغو في القرآن ، ففي بدء الدعوة الإسلامية كانوا يحضرون القصّاص بجانب الرسول ليرووا للناس القصص التاريخية الخيالية ، وكان هناك من لا يفرّق بين القرآن وتلك القصص التافهة ، فيجلس عند القصّاص ليستمع إليها ، ويدع الرسول (ص) ورسالته الحضارية ، وفي بعض الأحيان كان يقوم أحدهم بالتصفيق عند تلاوته أو التصفير .. وكلّ ذلك بهدف جذب انتباه الناس لكي لا يفهموا حقائق الرسالة ، وأمّا في هذا العصر فقد تطوّرت أساليب اللغو الذي يثيره الكفّار في القرآن ، إذ أنّ عشرات الألوف من الصحف المأجورة ، والإذاعات ، ومحطّات التلفاز ، ومراكز صناعة الأفلام ، تمثّل اليوم ظاهرة اللغو الذي يثيره الكفّار بين الناس لمنعهم من الاستماع الى القرآن.