والهدف من كل ذلك اللغو الجاهلي الأول وهذا اللغو الجاهلي العريض هو التغلّب على الساحة ، والاستكبار في الأرض بغير الحق ، ممّا يعني أنّ بناء الكفّار الثقافي قائم على أساس اللغو والتشويش على بصائر الحق.
ونستوحي من الآية عدّة حقائق :
أولا : إنّ كلّ ما يبثّه الطغاة من خلال أجهزتهم الدعائية ضلالة ولغو ، وإنّما الحق ما يبيّنه الوحي الإلهي.
ثانيا : إنّ البناء الثقافي للطغاة قائم على أساس مواجهة الحق ، والتشويش عليه ، أو ليست الضلالة هي الانحراف عن الهدى ، فهي ليست أصلا أو محورا أو بناء متكاملا ، وهكذا فضح القرآن أهم استراتيجيّات الدعاية الكافرة ، وهي معاكسة الاعلام الحق ، وإثارة الضوضاء والصخب من أجل صرف الانظار عنه.
ثالثا : من خلال الهدف الذي يتوخّاه الفرد نعرف طبيعة عمله ، أو ليست الأعمال بالنيات؟ وإنّ هدف أجهزة الدعاية الكافرة هو الاستكبار في الأرض ، والغلبة في الصراع مع الحق ، ومن كان هذا هدفه كيف يستطيع أن يهدي الناس الى الحق؟! إنّ الهدف هو الذي يحدّد مسيرة العمل ، واستراتيجية التحرك ، بل كيف يهدي الى الحق من لم يهتد بنفسه اليه.
وحين يكون هذا هدف مجمل التحرك الدعائي عند الكافرين ، فإنّه ينعكس على أدوات هذا التحرك ، والأفراد المشاركين فيه ، فكلّ فرد من العاملين في هذا الجهاز يسعى نحو هدف مصلحيّ خاص به ، فترى الواحد يحلم في الشهرة ، والثاني يبحث عن الثروة ، والثالث يتمنّى ان يكون ذا حظوة عند السلطان ، وكيف تهدي أقلام هذه الشراذم الى الحق؟!