وماذا تعني كلمة التوحيد من دون الاستقامة؟ أو ليس التوحيد بمعنى رفض الأنداد ، رفض سلطة الطغاة ، والمترفين ، وحمير الأسفار ، فإذا عاد الإنسان وخضع لهؤلاء الأنداد فإنّه ينفي أصل التوحيد.
ويبدو أنّ الله سبحانه يهدي العبد الى معرفته ، ويدلّه على ذاته بذاته ، ثم يبتليه بألوان الفتن ، تارة في ماله ، وأخرى في جسده ، وثالثة بتسليط الجبابرة عليه ، وهكذا ليمتحن إيمانه ، فإذا أنهار وكّله الى نفسه ، وأمّا إذا استقام نزّل عليه ملائكته ليثبّتوه.
وهكذا تتركّز صعوبات الاستقامة في أيّامها الأولى ، حيث لا تتنزّل الملائكة ، وحيث يتساوى الناس في درجة الضغط الذي يتعرضون له لامتحان قوة إيمانهم ، أمّا في المرحلة التالية فإنّ من استقام تهون عليه الضغوط لنزول الملائكة عليه بالسكينة والتأييد.
(تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا)
من المستقبل وما يحمله لكم من آلام ، وهكذا يزيل الملائكة عن قلب المستقيم أثر أمضى سلاح تستخدمه قوى الشرك وهو سلاح الإرهاب. وحين نسير في الأرض نرى الخوف أعظم دعامة لحكم الطغاة والمستكبرين ، فإذا تجاوز إنسان أو شعب حاجز الخوف استعاد حقوقه وحريّته واستقلاله.
(وَلا تَحْزَنُوا)
على ما مضى من الخسار ، فلا تدع الملائكة قلوب أولي الاستقامة عرضة لأمواج التشكيك التي يبثّها الشياطين فيها ، قائلين : إلى متى نقدّم التضحيات؟ ألا ترى سائر الشعوب كيف تنعم بالهدوء؟ أو لا تنظر إلى صاحبك قد أضحى غنيّا ،