بينات من الآيات :
[٤٦] (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)
تبيّن الآية المسؤولية الإنسانية : أنّ من عمل صالحا فإنّما لنفسه يعمل ، ويلقى جزاءه الحسن وافيا ، وأنّ من عمل سيئا فإنّما على نفسه ، ويجد جزاءه كاملا.
وكلمة ظلّام تدل على المبالغة في الظلم ، وربّنا ليس فقط لا يظلم كثيرا عبيده ، بل أيضا لا يظلمهم قليلا ، إذا فلما ذا ينفي الربّ ظلمه بصيغة المبالغة فيقول : «وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ»؟
وسبب هذا التساؤل هو التشابه الذي سيحدث بنفي المبالغة ، فلو قلت : فلان لا يأكل ، فهذا يعني أنّه لا يأكل كثيرا ولا قليلا ، وأمّا لو قلت : وما فلان بأكول ، فهذا يعني أنّه لا يأكل كثيرا ، ولكنّه قد يأكل قليلا ، فنفي المبالغة نفي للكثرة فقط.
والجواب ـ فيما يبدو لي ـ لو لم يربط ربّنا سبحانه بين عمل الإنسان وبين واقعه ، بين سعيه وبين جزائه لكان ظلّاما ، أو ليس من الظلم أن يصبح شخص رئيسا تهدى إليه خيرات الأرض وبركاتها ، ويصبح ويمسي شخص آخر وهو لا يجد ما يقتاته؟! بلى. إنّه ظلم ، بل ظلم كبير.
وأيّ ظلم أكبر من أن يدع الله سبحانه وتعالى الشعب الألماني ـ مثلا ـ تحت أقدام هتلر ، أو الشعب الروسي تحت سلطة عتاة الشيوعية ، أو الشعب العربي تحت عنجهية الصهاينة والطغاة؟!