والأرض العليّ العظيم ، وكفى بالوحي عظمة أنّ السموات والأرض يكدن يتفطّرن من فوقهنّ (من عظمة ربّهن أو من كلماته) . أمّا الملائكة فهم يسبّحون بحمد ربّهم ، ويشفقون على من في الأرض (بالذات المؤمنين منهم) فيستغفرون لهم (لأنّهم يرون جانبا من عظمة ربّهم) والله غفور رحيم (١) .
وهذه الفاتحة تنسجم مع خاتمة السورة التي تبيّن صفات الوحي حيث لا يتلقّاه البشر إلّا إلهاما أو من وراء حجاب أو عبر رسول من عند الله ، وأنّه قد هبط الى الرسول الروح ومن قبل لم يكن النبيّ يدري ما الكتاب ولا الإيمان ، أمّا اليوم فعنده نور يهدي به الله من يشاء الى صراط مستقيم ، وهو صراط الله الذي إليه ترجع الأمور (٥١) .
وبين هذه الفاتحة وتلك الخاتمة اللتين تتحدّثان عن محور المجتمع الإسلامي وصبغته الأساسية وهو الوحي تجري آيات الذكر في تبيين أسس الوحدة في الأمّة ، بل ويرسي هذه الأسس ببصائره ونذره وبشائره.
كيف؟
ألف : تقسّم الآية (٨) الناس فريقين : من هداه وأدخله في رحمته ، والظالمين الذين ما لهم من وليّ ولا نصير.
وبعد أن يحدّد الصفة الرئيسية للظالمين وهي الشرك بالله (والذي يعتبر جذر كلّ فساد) يثبت مبدأ التحاكم الى الله في الاختلاف (وبالذات الى وحي الله ومن نزل عليه الوحي أو استوعبه) والإنابة إليه ، والتوكّل عليه (٩) .
باء : ويذكّرنا السياق ـ بعدئذ ـ بأنّ الله الذي فطر السموات والأرض خلق الناس والأحياء أزواجا ليكون نسل الناس بذلك (فالاختلاف حقيقة واقعة ، وهو في