السموات والأرض ، ووحيه تجلّ لحاكميته التامة علينا ، وأيّ تنكّب عن ذلك شقاق وضلال.
(وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)
ما معنى العلو؟ وما معنى العظمة؟
العلي المرتفع في المكان ، فهل الله موجود في أعلى قمة في الكون؟ كلّا .. تعالى ربنا عن الحلول في مكان ، وهو شاهد حاضر (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) (١) ، والعظيم في اللغة مشتقة من العظم ، وصاحب العظم الغليظ يسمّى عظيما ، فهل لله عظم سبحانه وتعالى؟!
عند تفسير هذه الألفاظ القرآنية ، وهكذا سائر أسماء الله يجب أن نأخذ الغايات ونترك المبادئ ، ذلك أنّ لكل لفظة مبدأ يكسها مدلولا حسيّا ماديّا ، وغاية تعطيها مدلولا معنويّا وقدسيّا بالنسبة الى الله ، فإذا كانت كلمة العلي تدل على علوّ المكان حسيّا ، فهو يشير الى السيطرة والتمكّن ، وربّنا عليّ بهذا المعنى ، كما أنّه عظيم بمعنى القوة والشدة والهيبة. وإنّما نستخدم هذه الألفاظ عند الحديث عن الله لسببين :
الأول : عدم وجود ألفاظ بديلة تدلّنا على تلك الغايات ، وحيث يريد القرآن تقريب تلك المعاني المطلقة لأذهاننا المحدودة التي عجزت حتى عن الإحاطة بالخلق استخدم هذه الألفاظ.
الثاني : لكي لا ننبهر بمخلوق حاز شيئا من القوة أو الهيبة أو .. أو .. فنعبده من دون الله ، فإذا بنا نخضع لفلان لأنّه صاحب ثروة أو قوة أو جمال أو هيبة ، بل
__________________
(١) سورة الحديد / (٤) .