وهم المؤمنون الذين يأخذون بأسباب الهداية فيوفّقهم الله لبلوغها ، والآية تحذّرنا من الاغترار بإيماننا ، وذلك بالتأكيد على كونه من عند الله وبتوفيقه.
كما تبيّن لنا الآية بأنّ الآخر الذي يختار طريق النار ، إنّما يدخلها بإرادته ، وبإيكال الله له الى نفسه حيث يمنع عنه توفيقه ، فلا يحفظه من نوازع الشيطان ، ولا من ضغوط الحياة ، كما هو شأنه مع المؤمنين فإذا به ينقلب على عقبيه.
وهذا الإنسان قبل اختياره لطريق السعير كأيّ بشر فيه الخير والشر ، ولكنه بهذا الإختيار الخاسر يسلب منه عون الله وتوفيقه فيتمحّض في الشر ، ولهذا ترى أولياء الله المخلصين يلحّون على الله بأن لا يكلهم الى أنفسهم ، ولا يقطع عنهم توفيقاته.
يقول ابن أبي يعفور : سمعت أبا عبد الله (الإمام الصادق (ع) يقول وهو رافع يده الى السماء : «رب لا تكلني الى نفسي طرفة عين أبدا» لا أقلّ ولا أكثر ، فما كان بأسرع من أن تحدر الدموع من جوانب لحيته ، ثم أقبل عليّ فقال : «يا ابن أبي يعفور! إنّ يونس ابن متّى وكله الله عزّ وجل الى نفسه أقلّ من طرفة عين فأحدث ذلك الظن» قلت : فبلغ به كفرا أصلحك الله؟ قال : لا ولكنّ الموت على تلك الحال هلاك (١)
(وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍ)
يشفع لهم ، ويخلّصهم من العذاب ..
(وَلا نَصِيرٍ)
يعينهم ، ولعلّ في هذا المقطع من الآية إشارة الى حقيقة هامّة : أنّ الظالم
__________________
(١) موسوعة بحار الأنوار / ج (١٤) ص (٣٨٧) .