جهدا ولا مصلحة ولا تنازلا ، إنّما التسليم لهذه الولاية في كلّ شأن ، وبالذات عند الصراع ، حيث يتشبّث الواحد بفكرته وموقفه ، وتثار فيه ذاتيّاته وعصبيّاته.
(وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ)
أنّى كان هذا الشيء ، وفي أيّ جانب من جوانب الحياة ..
(فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ)
يستوحى من كتاب الله ، ومن أودع قلبه علمه من أئمة الهدى ـ عليهم السلام ـ وأتباعهم الفقهاء ، العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه.
ثم يقول القرآن عن لسان الرسول وكل مؤمن يسلّم لآياته :
(ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)
وهذا تأكيد لانتمائه الى ولاية الله في مقابل اتخاذ أولئك الأولياء من دونه ، إذن فهو على عكسهم يستجيب لحكم الله ، ونتساءل : لماذا يؤكّد القرآن ضرورة التوكّل على الربّ هنا؟
والجواب : لأنّ الكثير من الناس يزعمون بأنّهم حينما يتنازلون للآخرين عند الاختلاف استجابة لحكم الله وأوليائه ، فإنّهم يعرضون أنفسهم للمخاطر ، لأن الطرف الآخر عندها سوف يتصرّف من موقع صاحب الحق ، ويستغل انتهاء الخلاف في صالحه لضربهم. إنّ هذا الشعور من وساوس الشيطان الذي يريد من خلالها تضخيم الاختلافات الاجتماعية ، وتفتيت الأمة الواحدة ، وكم من مظلوم أصبح أكثر جورا من ظالمة بسبب هذا الشعور الذي يثير في الإنسان ذاتيّاته السلبية!