وهذا في صالح الإنسان ، وبيان القرآن لانشطار الأنثى من نفس الذكر ، جاء لضرب الأفكار الجاهلية التي تزعم بأنّ الأنثى ذات روح حيوانية ، فبهذا الاختلاف يكون التنامي والتناسل ، ولكن لو تحوّل هذا الاختلاف الى خلاف بين الطرفين ، وانتهى بالتالي الى الطلاق والعداء. أفلا تنقرض البشرية من على وجه الأرض؟!
بلى. وهكذا لو اختلفت القبائل والشعوب ، وسعت لفرض عاداتها وطبائعها على الآخرين ، لأنّ الله خلق كلّ مجموعة بشرية لتحقّق هدفا خاصّا في الحياة ، أمّا لو تصارع الجميع لفرض شخصيتهم على بعضهم فسوف ينتفي التعارف والتعاون والتكامل مما يجعل الحياة جحيما لا تطاق.
(يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ)
أي يجعل تكاثركم وانتشاركم بسبب هذا الاختلاف ، ولعلّ من الحكم الأخرى للاختلاف إشعار الإنسان بعجزه الذي تدل عليه حاجته للآخرين ، والتي هي بدورها تدل على حاجته الى الله ، لأنّه الصمد الذي لا كفو له ولا شريك ولا شبيه.
(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)
ونتساءل : لماذا أضيف كاف التشبيه على «مثل» ، في الوقت الذي كان يكفي أن يقال : ليس مثله شيء؟ هل الكاف هنا زائدة كما قال المفسّرون؟ أم في المعنى لطفا بديعا! نحن نميل ألّا ننسب الزيادة الى كلام ربّنا. اللهمّ إلّا التي نكون للتأكيد ، ولا معنى ظاهر للتأكيد هنا ، فنعود ونتساءل : إذا ما معنى الكاف؟ التفت بعض المفسرين الى معنى المثل الذي يختلف ظلاله عن كلمة (ند) أو شبه ومساوي وشكل ، حيث أنّ ظلال كلمة المثل توحي بجانب القيم