والإنسان يهين نفسه ولا يحترمها حينما يحتقر الحقّ ويرفض الاستجابة له. ذلك أن لا قيمة للإنسان إلّا بقربه من الحقّ وتجسيده له في حياته.
[١١] وفي جواب الكفّار للنداء بشدة مقت الله لهم :
(قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ)
ونتساءل : متى كانت الموتتان؟! لقد اختلف العلماء والمفسّرون في بيان هذه الآية ، فقال بعضهم : إنّ الموتة الأولى قبل دخول الإنسان في الحياة الدنيا ، حيث كان في عالم الأشباح حيّا ثم مات ، ثم دخل الحياة الدنيا ثم يموت عند بلوغه أجله ثم يحيا للحساب والجزاء.
وقال آخرون : إنّ الله يحيي الإنسان في قبره بعد الموت ليحاسبه حساب القبر ، وبعدها يميته ثم يحييه يوم القيامة للجزاء.
وجاء في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال ـ في تفسير الآية ـ : «ذلك في الرجعة» (١)
وهناك تفسير آخر هو : إنّ الإنسان منذ أن خلقه الله لا يزال حيّا ، وهذه الحياة الأولى التي وهبها الربّ للأرواح تستمرّ مع الإنسان في الدنيا فلا موت قبل هذه الحياة ، ثم يوافي الإنسان أجله المتعارف فيموت ، بمعنى : أنّه تنفصل روحه عن جسده وتبقى الروح في حالة الحياة.
وبعد هذا الموت يموت البشر ـ مرة أخرى ـ فتنعدم عنه الحياة تماما وذلك حينما ينفخ في الصور النفخة الأولى ، وقد أشار القرآن الحكيم لهذا المعنى في سورة
__________________
(١) المصدر / ص ٥١٣.