تلك القضية على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله ، ثمّ يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم فيصوّب آراءهم جميعا ، وإلههم واحد! ونبيّهم واحد! وكتابهم واحد! أفأمرهم الله سبحانه بالاختلاف فأطاعوه! أم نهاهم عنه فعصوه؟!» (١)
إنّ للحق والباطل مقاييس ثابتة وواضحة ، والله عزّ وجل ينصر الحق عند ما يحين الأجل المسمّى عنده.
(وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ)
أي يحاجّون الرسول (ص) في مناهجه ورسالاته الإلهية وقد تبيّن لهم أنّه على الحق بعد استجابة الله له.
(حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ)
يدحضها بالمقاييس والسنن الثابتة ، وبإرادته المطلقة منطقيّا وعمليّا ، حيث ينتقم منهم في الدنيا والآخرة.
(وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ)
لقد تجلّى الحق على يد الرسول بأظهر شواهده وأسنى آياته ، ولقد بادر أصحاب القلوب الزكيّة الى الاستجابة للرسالة ، واستجاب الله دعواته الخالصة بالنصر. ألم يعدهم بذلك حين قال : (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) .
فما بقي عذر لهؤلاء الذين يحاجّون في الله ، ولا يسلّمون أمرهم لرسوله ، وحان
__________________
(١) نهج / خطبة (١٨) ص (٦٠) .