(وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ)
العزيز هو المهيمن ، والسلطان المقتدر الذي يفرض أمره على الناس.
[٢٠] ولكي يهذب القرآن دوافع الكسب عند الإنسان حتى لا يبعثه نحو الشرك بالله والصراع مع أقرانه ، يقارن بين ما يكتسبه الإنسان لدنياه وما يسعى اليه لآخرته ، فيقول :
(مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ)
حيث يبارك الله له في سعيه الأخروي ، ويضاعف له الجزاء عند الحساب ، فإذا بعمله يتنامى من حين قيامه به حتى يجزى عليه ، أو لم يقل ربّنا : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) . (١)
ولكن الذي يريد الدنيا بسعيه فإنّه لا يحصل على كلّ أمانيه وإنّما يحصل على جزء منها ، ثم إنّه يعدم أيّ نصيب له في الآخرة.
(وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ)
إذن فعليه أن يسعى من أجل الآخرة عبر القرآن الذي ليس فقط يهدي الى العلاج السليم بل وأيضا يتضمّن العلاج بذاته ، وهنا يعالج حرص النفس البشرية على الدنيا بإيصال فكر الإنسان بالآخرة من خلال التذكير بها ، وحثّه على أن لا يجعلها همّه الأكبر فيختلف بسببها مع الآخرين ، أو يتصوّرها محور الحياة الذي
__________________
(١) البقرة / (٢٦١) .