عن نفسه.
(رَفِيعُ الدَّرَجاتِ)
إنّه المالك لتلك الآفاق والمراتب السامية في الدنيا والآخرة ، فهو يرفع المؤمنين به الى أسمى درجات الكمال والرقي والعزّة. أمّا المعنى الآخر للآية فهو : إنّ الله ذاته تبارك وتعالى في أرفع الدرجات من الكمال في كلّ صفاته ، فهو مطلق الرحمة ، ومطلق العزة والقدرة ، و.. و.. كما أنّه مطلق الانتقام والشدة و.. و..
(ذُو الْعَرْشِ)
أي القوة والسيطرة. وقد تقدم أنّ للعرش أحد معنيين : الأول المعنى المادي ، وهو أنّ العرش خلق عظيم واسع الحجم ، ممتد الطول هائل المقام ، والثاني المعنى المعنوي بأن يكون العرش رمزا للقوّة والهيمنة.
وربّنا من تلك الدرجات الرفيعة ينزل رسالاته للبشر على من يصطفي من عباده ، والتي تعتبر في لغة القرآن منبع الحياة الحقيقية للإنسان ، لأنّها تنقذه من الهلكات ، وتنفخ فيه الحركة والتكامل والعروج الإنساني الفاضل ، ولعلّه لهذا السبب سمّيت الرسالة والملك الذي يتنزّل بها وهو جبرئيل (ع) بالروح.
(يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ)
وهنا إشارة الى أنّ الروح ليس جزء ينفصل من الله لينزل من عنده الى الأرض ، إنّما هو مخلوق فهو من أمر الله كما هو حال سائر الخلق في كونهم من أمره تعالى ، والذي تشير إليه الآية الكريمة (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (١) وهذا يعني أنّ الأنبياء والرسل ليسوا آلهة بما اختصّوا به من الوحي إنّما
__________________
(١) سورة يس / ٨٢.