هم عباد له تعالى ، وما عندهم من الوحي والمنزلة الرفيعة لم يبلغوه بسعيهم المجرّد وإنّما بمشيئة الله وحكمته.
وتنفي هذه الفكرة فكرة التكامل الطبيعي عند الإنسان ، والتي يدّعي أصحابها بأنّ الإنسان يتكامل بطبعه حتى يعرج إلى السماء أو إلى مقام الرسالة والألوهية ، بلى. الإنسان يستطيع أن يهيئ في نفسه أرضيّة للعروج ، ولكن الله هو الذي يكمّله ، وإذا رفعه الى مقام الأنبياء فليس معنى ذلك أنّه أصبح إلها ، أو أنّه رفعت عنه المسؤولية ، كلا .. والدليل أنّ نزول الروح على أيّ إنسان يحمّله مسئولية التبليغ لهداية الناس.
(لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ)
وتلخّص هذه الآية كثيرا من العقائد الإسلامية والنظرات الحياتية في القرآن بمفرداتها الأربع : «رَفِيعُ الدَّرَجاتِ» ، «ذُو الْعَرْشِ» ، «يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ» ، «يوم التلاق» ، ويوم التلاق هو يوم يلتقي الإنسان بخصومه ، وهو من الأيّام الحساسة والمشهودة في حياته ، فيلتقي المستكبر بالمستضعف ، والظالم بالمظلوم ، والغاصب بالمغصوب منه ، والكاذب بمن افترى عليه ، وكلّ عامل يلتقي يومئذ بعمله ، ويلتقي المجرمون بالشهود ، والناس جميعا يلتقون بالحساب عند ربهم ، وهكذا يكون يوما عظيما لا بد أن يرهب مقامه ، وينذر به المنذرون.
[١٦] ويضيف القرآن مبينا واقع ذلك اليوم العظيم والحاسم :
(يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ)
في الدنيا يحاول الإنسان جاهدا إخفاء سلبياته وتجاوزاته لحقوق الآخرين ، وحتى إنّه يحاول خداع ذاته ، وإخفاء جرائمه عن ضميره بالتبريرات والأعذار ، وقد