المأثور عن الإمام الصادق (ع) يقول :
«ليس العلم بالتعلّم ، إنّما هو نور يقع في قلب من يريد الله تبارك وتعالى أن يهديه ، فإن أردت العلم فاطلب أوّلا في نفسك حقيقة العبوديّة ، واطلب العلم باستعماله ، واستفهم الله يفهمك» (١)
وحينما نعود الى تجاربنا الشخصية في الحياة والى وجداننا وفطرتنا نكتشف بأنّ العلم ليس من ذات أنفسنا ، كما أنّه ليس من ذات الأشياء ، وإنّما هو حالة في قلوبنا مستجدّة ، وبالرغم من وجود إثارات خارجية له إلّا أنّه غير تلك الإثارات ، بل مثله مثل العين التي تثيرها الأشياء بما فيها من أنوار إلّا أنّنا لو لم نملك عينا لم تنفعنا إثارة الأشياء أبدا ، كذلك الإثارات التي تبدو عندنا أسبابا للعلم فمن دون حالة العلم لما نفعتنا شيئا. إذا العلم من عند الله.
الشرط الثاني : من الذي جعل لكلّ شيء علامة تدلّ عليه ، أو ليس الله؟ كما العين تبصر ولكن بشرط وجود النور المنعكس من الأشياء عليها ، كذلك العلم يكتشف الحقائق بشرط وجود دلالة منها عليها ، والله هو الذي جعل لكلّ شيء دلالة عليه.
وكلّ شيء يكشف عن نفسه من خلال أمارات وعلامات ظاهرة ، فآبار النفط ، وعيون الماء ، والمناجم ، جعل الله لها جميعا آية تدلّ عليها ، فمثلا قديما كانوا يكتشفون المياه بواسطة غصن أخضر يمشون به في عرض الصحراء ، فإذا مال الى جهة مّا تأكّدوا من وجوده فيها. من الذي جعل هذه العلاقة بين الغصن والماء؟ إنّه (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) (٢) والإمارات والآيات التي أودعها
__________________
(١) بح / ج (١) ص (٢٢٥) .
(٢) طه / (٥٠) .