الله في الخلق بمثابة النور الذي يكشفها للإنسان ، وقد قال رسولنا الأكرم (ص) :
«إنّ لكلّ حقّ حقيقة ، وعلى كلّ صواب نورا»
ولو أخفى الله شيئا ، ولم يجعل بينه وبين علم الإنسان علاقة ، فمن الذي يمكنه أن يهدينا إليه؟ وفعلا أخفى الله عن علم الإنسان أكثر ممّا أظهر.
الشرط الثالث : ولأنّ الإنسان يفقد قدرته على الرؤية والتمييز في بعض الحالات ، كالغضب الشديد ، أو الاهتمام بقضية معينة ، أو عند الشهوة ، إذ ينعدم حينها شعوره الداخلي ، فهو بحاجة الى إرادة قوية يتغلّب بها على تلك الحالات ، والإرادة من الله (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) كما أنّ قوّة الإرادة وضعفها بيد الله ، ولو لا تأييده لخارت أمام الضغوط ، وإذا لم يهتد أبدا.
(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ)
يستطيع هدايته أو إنقاذه من مصيره الأليم. فإذا كان يستحقّ النجاة فإنّ الله أحقّ بنجاته ، لأنّه خالقه وبارئه وأرحم به من كلّ شخص ، فمن لا يرحمه أرحم الراحمين ، ومن لا يسعه حلم الله الواسع وكرمه العظيم ، ترى هل من رحمة تسعه أو حلم أو كرم؟
ونقرأ في سورة الرعد : (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) (١) والذي يتبع السبل الأخرى غير سبيل الله المتمثّل في رسالاته وأوليائه ، فإنّه يكتشف خطأه وضلاله البعيد يوم القيامة ، أو حتى في الدنيا عند الجزاء.
__________________
(١) الرعد / (١٤) .