(وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ)
وقد انتهت الفرصة التي أعطيت لهم ليجرّبوا بها إرادتهم.
(يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ)
إنّهم وقد انتهى بهم الظلم الى نار جهنم يتمنّون الكرّة ليختاروا هدى الله على ضلالات الشيطان ، ولكن هيهات ، هل تعود عقارب الزمن الى الوراء ، هل الشباب يردّ الى العجوزة المتهاوية ، أم تعود نضارة الطفولة الى من عركته السنين ، وبلغ من العمر عتيّا؟!
حقّا تثير هذه الحقيقة النفس من أعماقها ، فأيّ خسارة كبري تلحق بالظالمين ، بل أيّ ثمن يسوى في مقابل هذه الخسارة التي لا تعوّض؟!
[٤٥] وتتواصل الآيات في بيان عاقبة الظالمين الذين لو تسنّى لهم لماتوا ملايين المرّات حسرة على التفريط في جنب الله ، وهم يتعذّبون نفسيّا وجسديّا ، نفسيّا لأنّهم يشعرون بالذلّة والمهانة بعد العلوّ والتكبّر في الدنيا ، وجسديّا لأنّهم سيصيرون حطبا لجهنم.
(وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِ)
إنّ أهمّ العقبات النفسية التي تعترض طريق الإنسان الى الهداية هو التكبّر ، الذي أخرج إبليس من الجنة ، ولا زال يخرج به إبليس أبناء آدم من رحمة الله الى غضبه وعذابه ، وعلى الإنسان أن يقاوم جموح النفس المتكبّرة ، بتصوّر تلك اللحظة التي يعرض فيها المتكبّرون على النار ، خاشعة نفوسهم من الذلّ.
وهذا الخشوع السلبي لا يتجاوزه الإنسان إلّا بخشوع الإيمان الإيجابي ، ولذلك