الايمان ، حيث ترى الإنسان ينتظر من يحمّله الإيمان تحميلا ، ويزعم أنّه ما دام لا يوجد من يكرهه على الإيمان فهو معفي عنه وعن التزاماته.
كلّا .. الإيمان مسئوليتك قبل أيّ شخص آخر. أو ليست فائدته لك ، وخسارته ـ إن خسرته ـ عليك ، فما ذا تنتظر؟ إنّ الرسول ليس إلّا مبلّغ ، فإن شئت آمنت بحرّيّتك ، وإن شئت اشتريت العذاب بما اخترته لنفسك من الكفر.
(فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ)
وهذا دور كلّ قائد رسالي في أيّ مجتمع وأيّ زمان ، وكفى بذلك مسئولية كبيرة يتحمّلها. وإذا ما أعرض الناس عمّا يدعوهم إليه فلا يدلّ ذلك على قصور في الرسالة ، ولا تقصير في القائد ، بمقدار ما يدلّ على ابتعادهم عن ميزان العقل الثابت ، واتباعهم لطبائعهم المتقلّبة ، والتي تتأثّر بالضغوط والعوامل الخارجية ، والتي يستعرضها السياق هنا ليهدي الإنسان الى مراكز ضعفه ، لكي لا يستبدّ به الغرور فيكفر.
إنّ ضعف الإنسان يتمثّل في تقلّب حالته النفسيّة مع تقلّبات الظروف الخارجة عن إرادته ، فهل تكون هذه الحالة ميزانا صالحا لتقييم الحق والباطل ، أو منهجا سليما للسلوك ، أم لا بد من اتباع الرسول.
(وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها)
وتوقّف عند حدود النعمة دون التفكير فيما يترتّب عليها من مسئولية ، وقد نهى الله عن الفرح قائلا : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) (١) وقال في موضع آخر : (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ
__________________
(١) القصص / (٧٦) .