ويثق بربّه ، ويسرع في مقاومة البلاء بروح إيجابية ، كما ينبغي أن يتذكّر أبدا نعم الله السابقة عليه فيزداد بالله أملا وله حمدا كثيرا ، كما فعلت امرأة أيّوب حيث حاول إبليس إغواءها عند ما أحيط بها البلاء ، فنهرته واستقامت على صبرها وتجلّدها حتى فرّج الله عنها .. جاء في الحديث : إنّه جاءها ذات يوم فقال لها : ألست أخت يوسف الصديق (ع)! قالت : بلى. قال : فما هذا الجهد؟ وما هذه البلية التي أراكم فيها؟ قالت : هو الذي فعل بنا ليؤجرنا بفضله علينا ، لأنّه أعطاه بفضله منعما ، ثمّ أخذه ليبتلينا ، فهل رأيت منعما أفضل منه؟! فعلى إعطائه نشكره ، وعلى ابتلائه نحمده ، فقد جعل لنا الحسنيين كلتيهما ، فابتلاه ليرى صبرنا ، ولا نجد على الصبر قوة إلّا بمعونته وتوفيقه ، فله الحمد والمنة ما أولانا وابتلانا (١)
هكذا يوجّه المؤمنون الابتلاء والمصيبة ، ويقاومون وساوس الشيطان الذي يحاول تحريف مسيرتهم ، بينما يكفر سائر الناس بسبب الابتلاءات التي يتعرّضون لها ، والتي لو درسناها لوجدنا أكثرها تحلّ بهم لذنوبهم وما قدّمته أيديهم من سيئات.
(وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ)
يكفر بالنعم القديمة كما يكفر بسائر النعم التي تحيط به الآن ، فتظلم الدنيا في عينيه ، ويفقد القدرة على مقاومة البلاء والتمتّع بالرخاء.
[٤٩] هذا ضعف الإنسان ، وخور عزمه ، أفلا اتصل بالقوة التي لا تقهر ، وبالملك الذي لا يحد ، وبالعزّة التي لا تغلب ، بالله القويّ العزيز؟
(لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)
__________________
(١) موسوعة بحار الأنوار / ج (١٢) ص (٣٥٢) .