ثانيا : الفصل بين ربّ السماء وربّ الأرض ، والإعتقاد بأنّ إله الحق لا شأن له بدنياهم ، وإذا سئلوا عمّن خلق السموات والأرض فلا مناص لهم من الاعتراف بالخالق العزيز العليم ، وهكذا الأرض ، فهو الذي جعلها مهدا ، وسلك فيها سبلا ، لعلّهم يهتدون الى مآربهم ثم الى ربّهم الذي أتقن صنعه ، وحتى تدبير رزقهم فهو بأمر الله. أو ليست حياتهم تعتمد على الماء ، فمن ينزله من السماء بقدر حاجتهم؟
أفلا يرون كيف يحيي به الله الأرض ، فلما ذا لا يهتدون الى أنّه كذلك يحييهم بعد موتهم؟! ومن آيات تدبيره خلق الأزواج ، وتوفير وسائل النقل. أو ليس كلّ ذلك يدلّ على أنّ إله السماء هو إله الأرض ، ويدعوهم الى طاعته ، وشكر نعمائه ، فإذا استقروا على ظهور الأنعام أو متن السفن سبّحوا الله على تسخيرها لهم! ولم يكونوا بمستواها (٩) ونقرأ في ختام السورة تذكرة بهذه الحقيقة أيضا (٨٤) .
ثالثا : تقديس الأشياء والأشخاص ، فإذا بهم يجعلون للرحمن من عباده جزء (يعطونه صفة التقديس) وبالغوا في كفرهم حين زعموا أنّ الله اختار لنفسه البنات ، واصطفى لهم البنين.
ويتساءل : هل شهدوا خلقهم؟ كلّا .. ويقول إنّ كلامهم الباطل شهادة عليهم ، سوف تكتب وسوف يسألون عنها ... وتراهم يبرّرون عبادة الآلهة بالجبر الإلهي ، بلا علم عندهم ، بل بمجرد الخرص والتخمين ، ولا بكتاب إلهي يستمسكون به ، بل باتباع آبائهم.
ويعالج القرآن ابتاع الآباء بأنّ ذلك من عادة المترفين الذين ما أرسل الله الى قرية نذيرا إلّا تشبّثوا بتقاليدهم البالية متحدّين بها رسالات ربّهم ، ولكن ألا ينظرون الى عاقبة أولئك المترفين الذين انتقم الله منهم؟!