(وهكذا يعالج القرآن وسوسة الشيطان بذكر الله) .
وبعد أن ينذر القرآن أولئك الجاهلين بعذاب إمّا في عهد الرسول أو بعده ، ويأمر النبي (والذين اتبعوه) بالتمسّك بالوحي الذي هو شرف له ولقومه (دون المال والجاه) لأنّهم يسألون عنه ، يأمره بأن يسأل السابقين من الرسل (ويستقرئ سيرتهم) هل كانوا يدعون قط الى غير الله (ويقدّسون آلهة المال والسلطة كلا) ويضرب مثلا من سيرة موسى وعيسى عليهما السلام (وهما نبيّان من أولي العزم ذكرا في هذه السورة مع إبراهيم ومحمّد سلام الله عليهما) .
فحين أرسل الله موسى بالبينات الى فرعون وملئه إذا هم منه يضحكون ، وكلّما أراهم ربّنا من آياته طلبوا من موسى أن يدعو ربّه ، وعهدوا إليه بالإيمان ، فلمّا كشف عنهم العذاب نكثوا عهدهم (واعتمدوا على قيمة الثروة والسلطة الزائلة) .
وأثار فيهم فرعون نخوة العصبية وشهوة المال والقوة ، واستخفّهم فأطاعوه ، فانتقم الله منهم وتركهم آية لمن بعدهم.
(وكذلك كان موقف الجاهليين العرب من عيسى بن مريم عليهما السلام) وحينما ضربه الله مثلا صالحا جادل فيه قوم الرسول قائلين : أآلهتنا خير أم هو؟ (وكانوا يعرفون الحق ، ولكنّهم عاندوا ربما لأنّهم اعتمدوا على قيمة الثروة والسلطة ، فقدّسوا آلهتهم رمز الثروة والسلطة ، واستخفّوا بابن مريم الذي كان مثال الطهر والزهد) بلى. إنّه عبد أنعم الله عليه ، وجعله مثلا لبني إسرائيل (ولم يأمرهم بعبادته أبدا) وبعد أن ينذر ربّنا أولئك المعاندين بأنّه قادر على أن يهلكهم ، ويجعل مكانهم ملائكة في الأرض يعبدونه ، يبيّن بعض جوانب عظمة عيسى ـ عليه السلام ـ بأنّه من أشراط الساعة ، وأنّه قد جاء بالبينات والحكمة والقول الفصل فيما اختلف فيه بنوا إسرائيل ، وأمرهم بتوحيد الله ربّه وربّهم جميعا ، بيد