ثانيا : لقد قدّر الله بحكمته البالغة أن يحمل العرب رسالته الى الأمم فأنزل الكتاب بلسانهم.
ثالثا : إنّ ربّنا يكرّر القول بأنّ الكتاب قد نزّله عربيّا ليدعو سائر الأمم ـ كما يبدو ـ لتعلّم هذه اللغة ، حتى يستوعبوا لطائف كتاب ربّهم ، والإشارات البلاغية التي تعجز الترجمات عن بيانها.
وقد ألّف أحد المستشرقين كتابا بالإنجليزية عن الإسلام فقال : لا أستطيع أن أبيّن لكم ـ أنتم أيّها الإنجليز ـ عذوبة آيات القرآن ، ولطافة معانيه ، وكيف يؤثّر في العربي .. ويضيف قائلا : إنّه لن يفهم القرآن أحد حتى يتعلّم العربيّة.
(لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)
هذا هدف رسالاته جميعا ، وكلمة «لعلّ» تدلّ على معنى الرجاء والهدفية أي إنّما جعلنا القرآن عربيّا لكي تعقلوا ، والعقل هو موهبة لا يختلف الناس في أصلها ، ولكنّهم يختلفون في مدى استفادتهم منها ، لذلك جاءت الكلمة بصيغة الفعل أي تستفيدون من العقل.
[٤] (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ)
إنّ هذا القرآن هو انعكاس للكتاب الذي عند الله سبحانه وهو أصل الكتاب.
والأم بمعنى الأصل والأساس ، والذي استوحيه من هذه الآية أنّ عند الله كتابا مكنونا هو أمّ الكتاب ، من نوره يفيض على البشر كتبه سبحانه ، فمنه أنزل على نوح (ع) رسالته ، وعلى إبراهيم (ع) كلماته ، وبعث موسى (ع) وعيسى (ع) بالتوراة والإنجيل ، ومنه أيضا أتى محمدا (ص) القرآن.