وقياس كلّ كتاب إلهي يتمّ بميزان أمّ الكتاب الذي يسمّى ـ فيما يبدو ـ باللّوح المحفوظ ، وحينما يقاس القرآن به يكون الأعلى رتبة ، والأحكم شريعة ودينا ، فهو يعلو كلّ دين ، وينفع الناس بما فيه من حكمة وعلم.
[٥] يزعم المسرفون الذين أترفوا في الحياة الدنيا أنّهم عباد الله المقرّبون. أو ليس قد أنعم عليهم بالغنى ، فهو إذا يحبّهم ويكرم مثواهم ، ويقودهم هذا الزعم الشيطاني إلى وهم خطير حيث يحتسبون أنّهم فوق القانون ، وأعلى من الذكر.
ومن جهة أخرى : ما دام الإسراف ذنب عظيم يتوهّم البعض أنّه يمنع عن المترفين رحمة الرسالة ، كلّا .. فلا الإسراف خير يجعل المترفين فوق الإنذار بالرسالة ، ولا هو مانع من منّة ابتعاث الرسل.
(أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً)
نترككم بدون تذكرة وبدون رسل يذكّرونكم ما نسيتموه؟ وأصل الضرب صفحا كما قالوا ضرب وجه الدابة حتى تصرف وجهها جانبا.
(أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ)
أي بسبب إسرافكم؟
كلّا .. وقد جرت سنّة الله بإرسال الرسل يذكّرون الناس ، وقد بعث رسالاته الى المستهزئين رحمة بعباده.
ويبدو أنّ الإسراف رأس سلسلة من الانحرافات ، وهو بدوره ناشئ من جهل الإنسان بحكمة الابتلاء في الدنيا ، ولماذا يحلم الله عن المذنبين ، ومن ضعف إرادته في مقاومة الشهوات يسير فيها بلا حدود أو قيود.