فيتصل عنده أوّل يومه بآخره ويكون ما يحدث عليه آخر النهار قريبا من أول النهار.
أمّا الذين محضوا الإيمان والكفر فإنّهم إذا ماتوا قامت قيامتهم ، فتدفع أرواح المؤمنين في الجنان فور انتقالها من أبدانهم ، ويعرض على أرواح المعاندين النار غدوّا وعشيّا كآل فرعون ، فالقيامة إذا قريبة منّا جميعا. وفي القرآن إشارة الى هذا المعنى في قوله تعالى : (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) (١)
ومنها : أنّ العذاب يكون قريبا من الناس في ذلك اليوم ، أو أنّ روح الإنسان يقرب خروجها من جسده لأهوال ذلك اليوم.
(إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ)
وربما يكون المقصود من القلب هنا بالإضافة إلى الروح ، القلب بواقعه المادي ، ذلك أنّ الإنسان يحسّ وكأن قلبه يصعد الى الأعلى عند ما يتعرّض للفزع ، وبالذات إذا كان مفاجئا لا يتوقعه ، ولأنّ الناس كلّهم مشغولون بأنفسهم لا يجد الواحد طرفا يمكنه أن ينفعه يظهر له ما في نفسه لذلك يخفي الجميع ما في صدورهم ويكظمون غيظهم ، وحتى إذا أرادوا البوح فهل هي إلّا ندامة وخسارا! بالإضافة إلى هيبة ذلك اليوم التي تعقل ألسنتهم ، وإلى الملائكة الغلاظ الشداد الذين لا يأذنون لهم بالكلام ، وإلى خشوع الأصوات جميعا لربّ العالمين ، فهم لهذه الأسباب وغيرها يضطرون للكظم بالرغم من شدّة غيظهم حتى ليكادون يتميّزون حنقا.
(ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ)
وهو أقرب الأصدقاء وأحبّهم للإنسان ، إذ تنقطع بينهم الروابط والعلاقات.
__________________
(١) النازعات / ١٣ ـ ١٤.