لماذا خلق الله الأشياء أزواجا؟ لأمرين ـ فيما يبدو لنا ـ : أولا : لتتجلّى قدرته المطلقة. أو ليس حسن الصنع ومتانة الخلق في إطار التنوّع دليل القدرة؟ فإنّك ترى في ذات الوقت الذي يختلف الزوجان عن بعضهما اختلافا واسعا ، يخضعان لسنن واحدة تسوقهما الى هدف واحد ، أليس ذلك دليل قدرة الرب؟
الثاني : لقد أركز الله في كل زوج الحاجة الى الآخر ، فهم محتاجون الى بعضهم ، وذلك أبرز دليل على حاجتهم الشديدة الى الله خالقهم ومدبّر أمورهم.
(وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ)
فالذي خلق للبحار الفلك نمتطي صهوته لنبلغ أقصى الأرض بتجارتنا الثقيلة ، هو الذي خلق للصحاري الأنعام وسخّرها لنا ، ليس فقط لتوصلنا الى أهدافنا المادية ، بل وأيضا لتقرّبنا الى الله ، أسمى غايات البشر وأعلى مراميه ..
لماذا؟
[١٣] (لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ)
كي نستقلّها ، ونستوي على ظهورها ، ونستوحي من كلمة الإستواء أولا : أنّ الله سخّر الفلك والأنعام للإنسان حتى يستقرّ في ظهورها دون وجل من تمرّدها عليه ، ثانيا : أنّ علينا أن نجلس عليها باستقرار ، ونتمكّن منها ، ولا ندعها تجمح أو تضطرب.
كما نستوحي من الآية ضرورة تسخير الطبيعة وعدم إهمالها ، وقد ورد في الحديث : «كان أمير المؤمنين (ع) يقول : من وجد ماءا وترابا ثم افتقر بأبعده الله» (١)
__________________
(١) بحار الأنوار / ج (١٠٣) ص (٦٥) .