والإستواء على ظهور الفلك والأنعام هو الهدف المرحلي منها أمّا الهدف الأسمى لهذه النعمة وسائر نعم الله هو الاهتداء والتقرّب اليه.
(ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ)
فالهدف من نعم الله المادية هو السموّ الروحي. إنّها معراج الإنسان الى الله ، فإذا شبعت فقل : الحمد لله ، وإذا ارتويت فقل : الحمد لله ، وإذا استغنيت فقل : الحمد لله ، وإذا ركبت السيارة فقل : سبحان الله ..
ويذكّرنا القرآن الحكيم بالأهداف المادية والمعنوية لنعم الله علينا ، بالذّات في هذه السورة التي تحوّرت حول علاقتنا بالطبيعة من حولنا ، للأسباب التالية :
أولا : لكي لا نزيغ عن الغايات النبيلة للنعم ، فالزواج جعل ليبنى به البيت والسكينة والمحبة والخلق الرفيع فلا ينبغي أن نجعل هدفنا منه مجرد قضاء وطر الشهوة ، وجعلت الأنعام للاستواء على ظهورها وبلوغ الأهداف المشروعة ، وليس للهو بها أو للتجبر والبطش على الناس.
ثانيا : لكي لا تبطرنا النعم ونتخذها للتفاخر والتكبر والفساد في الأرض.
ثالثا : لتعطينا السكينة النفسية والتي تساهم في إصلاح نفوسنا من عقدة الضعة ، وتدعونا لشكر الله بعمل الصالحات.
لذلك أمرنا الله بهذا الدعاء عند ركوب الأنعام لكي ينقلنا امتطاؤها الى آفاق روحية أبعد من تلك الآفاق الأرضية التي نطويها عبرها. أرأيت أيّ أفق بعيد يبلغه من يقطع المسافة بين الشهود والغيب في لحظة فينتقل من رؤية النقص في الطبيعة الى الكمال في خالقها!