(وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا)
ونتساءل : لماذا أمرنا الله هنا بالتسبيح وليس بالحمد؟
ذلك لأنّ حاجتنا ـ نحن البشر ـ الى الدواب أو الفلك ، وضعفنا عن توفيرها لو لا تسخير الله ، شاهد على تنزّه الله وغناه ، فهو غنيّ عن عباده ، غنيّ عن التوسّل بالآلات ، غنيّ عن تسخير شيء لنفسه ، تعالى الله وتقدس ربّنا عن كلّ ذلك.
ثم تسخير الأنعام والفلك دليل عجز الحيوانات والطبيعة وحاجتهما الشديدة لمدبّر حكيم هو الله.
ويهدينا ذلك الى تسامي ربّنا عن الحاجة. أو ليس حاجة كلّ شيء دليل مخلوقيته ، فكيف يحتاج الخالق؟
وأساسا كلّ نقص وعجز وحاجة وضعف في الخلق شاهد على ما يقابلها عند الخالق لدلالة العقل أنّ صفة الخالق غير صفة المخلوق ، قال أمير المؤمنين (ع) :
«مستشهد بحدوث الأشياء على أزليّته ، وبما وسمها به من العجز على قدرته ، وبما اضطّرها إليه من الفناء على دوامه» (١)
(وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ)
أي لسنا بقرناء له ، ولا مطيقين تسخيره ، ولا بمستوى ضبطه ، وأصل الكلمة من المقارنة بمعنى المشابهة في القدرة.
[١٤] (وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ)
__________________
(١) نهج البلاغة / خ (١٨٥) / ص (٢٦٩) ـ صبحي الصالح.