ولا تفوته من تصرفاته صغيرة ولا كبيرة ، ويكفي بهذا وازعا إيّاه عن المعصية ، ودافعا نحو تحمّل المسؤولية.
(يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ)
حيث ينظر الإنسان الى ما حرّم عليه أو أن يستخدم نظرة في غير أهدافه ، كالتجسس على الناس وحسدهم ، والنظر إلى أعراضهم وعموم عوراتهم وأسرارهم.
وفي الحديث قال الراوي : سألت أبا عبد الله عن قوله عزّ وجلّ : «يعلم خائنة الأعين» فقال : «ألم تر إلى الرجل ينظر إلى الشيء وكأنّه لا ينظر؟ فذلك خائنة الأعين» (١)
وجاء في تفسير هذه الآية : أنّ النبي (ص) حينما فتح الله له مكة المشرّفة أهدر دم بعض المشركين ، وكان بينهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، فجاء إليه عثمان يستأمنه منه فسكت النبيّ طويلا ليقتله بعض المؤمنين ، ثم أمنه بعد تردّد المسألة من عثمان ، وقال : أما كان منكم رجل رشيد يقوم الى هذا يقتله؟! فقال عباد بن بشر : يا رسول الله إنّ عيني ما زالت في عينك انتظارا أن تومئ فأقتله ، فقال (ص) : «إنّ الأنبياء لا يكون لهم خائنة الأعين» (٢)
بلى. قد تفوت نظرات الخيانة بني البشر ، أمّا الله فلا يفوته منها شيء .. وكيف يكون ذلك وهو يحيط بنوايا الإنسان وما ينطوي عليه قلبه؟!
ولو تعمّقنا في هذه الآية الكريمة ، واعتبرنا بها لاستطعنا أن ننزع من قلوبنا بذور النفاق وجذور الخيانة ، لأنّ الإنسان حينما يتحسّس رقابة الله عليه ، ويستشعر
__________________
(١) المصدر ص ٥١٧.
(٢) المصدر