(سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ)
أي سنسجّل لهم قولهم بأنّ الملائكة إناث ، ويسألون عنه يوم القيامة ، وكفى بذلك رادعا عن أقوالهم اللّامسئولة.
[٢٠] ويمضي السياق في دحض تخرّصات الجاهليين الواحد بعد الآخر حتى يبلغ محورها الرئيسي المتمثّل في النظرية القدرية ، ذلك أنّ أساس زيغ البشر ـ كما يبدو وكما سبق القول آنفا ـ النظرة الشيئية التي تعطي للأشياء قيمة ذاتية بعيدة عن صلتها بالله العظيم .. فتضفي عليها هالة من القداسة ، والثبات والحتمية.
إنّ الاعتقاد بوجود جزء من الله في عباد الله هدفه تجريد الإنسان عن مسئولية أعماله. ألا ترى كيف يتنصّل الطاغوت ـ أيّ طاغوت ـ عن الالتزام بالقانون باسم أنّه ظلّ الله في الأرض ، وأنّه لا يخطئ؟ ويزعم بعض أدعياء التصوّف أنّه مظهر لتجلّي الحقيقة المحمّدية فهو لا يزيغ ، وزعم بعض أدعياء الفقه بالتصويب ، وأنّ ما يحكمون به عين ما حكم الله به من فوق عرشه ، وهكذا الإنسان العادي يذهب الى تبرير أعماله بأنّ وراءها إرادة الله.
كما أنّ الشرك بالملائكة ينبعث من نزوع الإنسان الى تبرير أعماله ، والتهرّب عن المسؤولية ، حيث زعم بأنّ الملائكة يشفعون له.
وهكذا نجد السياق يواصل الحديث عن هذه الأفكار الشركية حتى يبلغ جذورها المتمثلة في القدرية فيقول :
(وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ)
فالله سبحانه حسب هذا الزعم مسئول عن ضلالتهم ، لأنّه كان قادرا على