الكافرين فقراء ، وجعل في الكافرين أغنياء ، وفي المؤمنين فقراء ، ثم امتحنهم بالأمر والنهي ، والصبر والرضا» (١)
هب أنّ الله أعطى كلّ ذلك للكفار ، فهل يعني ذلك أنّ لهم عند ربّهم كرامة بذلك ، وللمؤمنين عليه هوانا؟ كلّا .. إنّ كلّ ذلك ليس ـ بعد كلّ ذلك ـ سوى متاع ، لا يستفيد منه صاحبه إلّا قليلا ، وهي في الحياة الدنيا التي تأطّر كلّ شيء فيها بالدونيّة والضعة ، بينما هيّأ ربّنا الآخرة حيث القرار الأبدي للمتقين فدعاهم الى دار ضيافته ، ومقام كرامته ، ومنازل قربه ورضوانه.
(وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا)
المتاع : ما يتمتّع به الإنسان مؤقتّا.
(وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ)
فالقيمة الحقيقية ليست للمادة الزائلة ، بل القيمة الأساسية للعمل الصالح الذي يدّخره المؤمنون للآخرة.
وبكلمة : الدنيا زائلة ، وما فيها من نعم ليست سوى متاع لا قيمة له عند الله ، ولو لا أنّ إغراء هذه النعم كان يسبّب في ميل الناس جميعا الى الكفر لكان ربّنا قد أكملها للكفّار ، لدناءتها وزوالها ، ولكنّ الله اللطيف بعباده أبى أن يجمع الخيرات عند الكفّار ليعطي فرصة الإيمان للآخرين.
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ـ ج ٤ / ص ٥٩٩.